responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 19
وَالرُّسُوخُ: الثُّبُوتُ فِي الشَّيْءِ، وَكُلُّ ثَابِتٍ رَاسِخٌ. وَأَصْلُهُ فِي الْأَجْرَامِ أَنْ يَرْسَخَ الْجَبَلُ وَالشَّجَرُ فِي الْأَرْضِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
لَقَدْ رَسَخَتْ فِي الصَّدْرِ مِنِّي مَوَدَّةٌ ... لِلَيْلَى أَبَتْ آيَاتُهَا أَنْ تَغَيَّرَا
وَرَسَخَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِ فُلَانٍ يَرْسَخُ رُسُوخًا. وَحَكَى بَعْضُهُمْ: رَسَخَ الْغَدِيرُ: نَضَبَ مَاؤُهُ، حَكَاهُ ابْنُ فَارِسٍ فَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ. وَرَسَخَ ورضخ ورصن ورسب كله ثبت فيه. وسيل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ فَقَالَ:" هُوَ مَنْ بَرَّتْ يَمِينُهُ وَصَدَقَ لِسَانُهُ وَاسْتَقَامَ قَلْبُهُ". فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ كَانَ فِي الْقُرْآنِ مُتَشَابِهٌ وَاللَّهُ يَقُولُ:" وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" [1] فَكَيْفَ لَمْ يَجْعَلْهُ كُلَّهُ وَاضِحًا؟ قِيلَ لَهُ: الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنْ يَظْهَرَ فَضْلُ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كُلُّهُ وَاضِحًا لَمْ يَظْهَرْ فَضْلُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. وَهَكَذَا يَفْعَلُ مَنْ يُصَنِّفُ تَصْنِيفًا يَجْعَلُ بَعْضَهُ وَاضِحًا وَبَعْضَهُ مُشْكِلًا، وَيَتْرُكُ لِلْجُثْوَةِ [2] مَوْضِعًا، لِأَنَّ مَا هَانَ وُجُودُهُ قَلَّ بَهَاؤُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. التَّاسِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) فِيهِ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ، وَالتَّقْدِيرُ: كُلُّهُ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا. وَحَذَفَ الضَّمِيرَ لِدَلَالَةِ" كُلٍّ" عَلَيْهِ، إِذْ هِيَ لَفْظَةٌ تَقْتَضِي الْإِضَافَةَ. ثُمَّ قَالَ: (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) أَيْ مَا يَقُولُ هَذَا وَيُؤْمِنُ وَيَقِفُ حَيْثُ وَقَفَ وَيَدَعُ اتِّبَاعَ الْمُتَشَابِهِ إِلَّا ذُو لب، وهو العقل. ولب كل شي خالصه، فلذلك قيل للعقل لب. و" أُولُوا" جمع ذو.

[سورة آل عمران (3): آية 8]
رَبَّنا لَا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (رَبَّنا لَا تُزِغْ قُلُوبَنا) فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ يَقُولُونَ. وَهَذَا حِكَايَةٌ عَنِ الرَّاسِخِينَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى قُلْ يَا مُحَمَّدُ، وَيُقَالُ: إِزَاغَةُ القلب فساد

[1] راجع ج 10 ص 108.
[2] كذا وردت هذه الكلمة في أكثر الأصول، وفى بعضها وردت بهذا الرسم من غير إعجام، ومعناها: الجماعة. [ ..... ]
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست